عاد " شمس وميشال " إلى عملهما ، وبعد أسبوع عزم " ميشال " على السفر إلى بروكسل مرة أخرى بناء على طلب محامي العم ، لكن هذه المرة لم يطلب " شمس " منه مرافقته في سفره ، بل تمنى له فقط رحلة موفقة والعودة بسلام .
وبعد عودته من السفر وعلى غير العادة اتصل " بشمس " وأبلغه بدعوته له على العشاء - بعيداً عن فندق " راديسون بلو " - في أحد المطاعم المُطلة على نهر " شيلد " حيث تقع " إنتويرب " على الضفة اليُمنى من النهر، حضر لمقابلة " شمس " وهو يحمل بيديه رسما هندسيا ، وتبدو على ملامحه سعادة بالغة .
ميشال : افتقدتك كثيراً صديقي العزيز، لكنها المرة الأخيرة التي سأفارقك فيها لأننا سنظل سوياً طوال العمر
شمس : وأنا أيضا افتقدتك ، يبدو أنها كانت رحلة موفقة
ميشال : نعم ، موفقه جداً ، انظر لهذا الرسم الهندسي ، إنه سبب سعادتي ، سافرت إلى بروكسل لمقابلة محامي عمي لإنهاء إجراءات استلام التركة ، وهى مليارات، لكن أعمال عمى التجارية لا تروق لي ، ولا أفهمها كثيرا ً، أنا أحب السياحة ، لذلك سأقوم بتصفية الكثير منها ، وبيعها بالمزاد العلني ، واستغلال الأموال في مشروع كبير جداً ستشاركني فيه العمل ، وقد بدأت فعلا في إجراءاته
أخرج " ميشال " من جيبه ورقة وأعطاها " لشمس "، وقال له اقرأ هذه ، نظر فيها فوجدها ترخيص لبناء فندق حلال
شمس : فندق حلال ، لا أفهم شيئا , ما معنى فندق حلال
ميشال : دفعت 1500 يورو للحصول على هذا التصريح لبناء فندق حلال ، هل تذكر الويسكي و الفودكا الحلال
شمس : أكيد مشروبنا المفضل الآن
ميشال : الفندق الحلال لن يقدم إلا مشروبات حلال ، ولن يسمح بمنح غرفة لنزيل مع صديقته , فيجب أن تكون زوجته ، وعندما يدخل النزيل المسلم إلى الغرفة سيجد مصحفا وسجادة صلاة ومسبحة , وخريطة تدله على اتجاه القبلة ، أيضا سنستبدل صالة " الديسكو " بقاعة للموسيقى العربية ، مثل أغنيات " أم كلثوم " التي يعشقها العرب بل اليهود والغرب ، ورقص " التنورة " الذي يبهرنا نحن الأوروبيين ، لكن الأهم من ذلك كله هو حلمي "متحف المصريات "
ضحك " شمس " وقال له : إذن سنوجه دعوة للسفارة المصرية في الافتتاح
ميشال : نعم ، لكن دون وجود آثار مسروقة ، سيكون مدخل المتحف في مبنى مجاور للفندق فمساحة الأرض كبيرة جداً ، وستكون الواجهة على شكل معبد أبو سمبل ، سنقوم أيضاً بإنشاء مطعم عائم ، باخرة على شكل مركب فرعوني تتجول في " نهر شيلد " ، حيث سيكون الفندق ، فهو على ضفة النهر ، وهذا الرسم لقطعة الأرض التي اشتريناها بالفعل .
شمس : أنه حلم رائع وجميل ، لكن فكرة فندق حلال فكرة صعبة التطبيق هنا رغم مثاليتها
ميشال : على العكس تماماً ، فمن سيأتي لهذا الفندق سيعيش حياة الشرق بكل ما فيها ، ونحن كسكان " إنتويرب " مُلتزمين دينياً ومتحفظين أيضاً ، عكس أقاليم أخرى ، كما أن هذا الفندق سيجتذب مُسلمي أوروبا ، فمثلما تُقدمون الخمور في فنادقكم بمصر رغم أنكم لا تشربوها ، فنحن سنمنعها في الفندق رغم أننا نشربها، صدقني أنه مشروع ناجح جداً , وجذاب لمُحبي الحضارة الفرعونية والشرقية , والإسلامية أيضا ً، وقد اخترتك لتكون المدير التنفيذي لفندق " رمسيس " .
شمس : " رمسيس " ؟! ، معنى هذا أن موريس لن يعمل معنا ، أنت تعرف موقفه من هذا الاسم ، وهذا الملك
ميشال : العظيم ، أسمه الملك العظيم ، هكذا نُسميه نحن ، هو وعدد قليل من ملوك الفراعنة أطلق عليهم لقب العظيم ، أولاً لا يصح أن يترك جميعنا هكذا إدارة " راديسون بلو " فجأة ، فقد رشحت موريس ليكون مديراً عاماً " راديسون بلو "، وتلقيت الموافقة منذ قليل ، ثانياً الحضارة الفرعونية والإسلامية حضارتك أنت وليست حضارته هو ، ثالثاً إن ارتباطي بك أقوى بكثير من ارتباطي به ، رغم الفترة الزمنية القليلة مقارنة بفترة عملي معه ، ولا أنكر أنه أفضل مدير مالي عملت معه
شمس : شكراً لك محبتك لحضارتنا الفرعونية والإسلامية المظلومتان دائما
ميشال : لا تشكرني ، الشكر لك أنت و" لنور " فمنكما عرفت عظمة التاريخ الفرعوني ، وسماحة الإسلام ، والآن علينا العودة " راديسون بلو " لنأخذ حقائبنا وننتقل إلى مسكننا الجديد لمباشرة أعمالنا في المشروع الجديد
شمس : وأين المسكن الجديد
ميشال : اشتريت منزلين متجاورين ، وسيكونان ثلاثة قريباً جداً ، فلم أنس عمل فرع لسلسة مطاعم المحروسة التي يملكها " نور " بمصر ، لتقدم الأكلات المصرية بالفندق ، فقد أحببت كثيراً الأطعمة التي تناولتها في مطعم " نور " ، وبهذا أضمن وجود ه معنا من آن لآخر .
شمس : أنت رائع ومخلص " ميشال "
عادا سويا إلى الفندق ، وطلب " ميشال " من " موريس " الحضور إلى مكتبه ، وكان " شمس " موجوداً في مكتب " ميشال "
ميشال : " موريس " تعلم أنني سافرت لاستلام التركة ، لكن أعمال عمي التجارية لا تناسبني ، فقررت استثمار تلك الأموال في بناء فندق كبير ، لعلها بداية لسلسلة فنادق عالمية ، وبالفعل حصلت على تصريح فندق حلال لجذب السياحة العربية والإسلامية ، وقد اخترت " شمس " ليكون المدير التنفيذي لفندق " رمسيس " .
موريس : " رمسيس " ؟! إذن أنتما لا تريداني معكما طالما أنه " رمسيس "
ميشال : لقد ادخرتك لعمل أكبر وأهم ، فأنت الآن المدير العام " لراديسون بلو "، لقد تلقيت الموافقة منذ قليل .
موريس : اتفقتما دون علمي ، وأصبحت أنا الغريب ، أنا العدو ، أنا من لا مكان له في عالمكما ، بعدما كنا صديقان لا يفترقان أنا وأنت ، أصبحت أنا الغريب الآن بفضل وجود " شمس "
نظر " موريس " إلى " شمس " والغضب يتطاير شرراً من عينيه ، فلأول مرة تظهر مشاعر " موريس " الحقيقية ، لأول مره يُكشر عن أنيابه ويطلق عنان لسانه ليبوح بما في صدره تجاه" شمس " والمصريين , بل تجاه العرب والغرب والعالم كله .
موريس : تباً لكم عندما تفكرون ، وتباً لكم عندما تقرءون وتتعلمون ، وتباً لكم عندما تعملون ، تجعلوننا خارج حسابات هذا العالم ، لذلك نُصدر لكم كل ما يشغلكم عن التفكير ، حتى وإن كانت " المزرعة السعيدة " ، لكي نبني مجد اليهود ، نعم هو خطأي أنا عندما جعلتك صديقاً لنا ، جعلت لك مكاناً في " راديسون بلو "، لم أُدبر لك المكائد ، لم أحطم أحلامك ، لم أهدم عملك ، ففعلتها أنت معي ، أنتم لا أمان لكم ، وأنت " ميشال "، حبكم لنا زائف , ما أسرع زواله عندما تجدون البديل .
شمس : أي مجد الذي يُبنى بتحطيم الآخر وإفساده ، أي مجد ، الأمجاد والحضارات تُبنى على القيم والفضائل ، لا على المكائد ، فأي مجد تكون أحد أدواته " المزرعة السعيدة " ، والمواقع الإباحية التي يدشنها الموساد الإسرائيلي ، وتجارة الرقيق الأبيض التي تديرونها عبر العالم ، والمخدرات ، والسلاح ، أي مجد الذي تتحدث عنه
موريس : مجد دولتنا إسرائيل
شمس : أي دولة هذه ، ما هي إلا قطعة أرض مُغتصبة بوعد ظالم ، أعلنتم به قيام دولتكم ، وأطلقتم العنان لرصاصاتكم ومجنزراتكم ، تُبيدون وتستحلون دماء وأعراض أصحاب الأرض الحقيقيين ، الأرض أرضنا ، أرض فلسطين العربية .
موريس : هذا كل ما تستطيعون فعله ، تشجبون وتستنكرون ، يوماً أو يومين ، ثم تعودون للعبة " المزرعة السعيدة "، وإن مللتم منها ارتدتم تلك المواقع التي تقول عنها أنها تُدار من قِبل الموساد ، أليست الحرب خدعة كما تقولون ، ونحن لم نُجبر أحدا على شيء ، بل أنتم المتعطشون للمزرعة السعيدة ، والحسناوات ، والمخدرات ، والمجون ، والسلاح الذي تُبيدون به بعضكم البعض ، فنستريح نحن ونستطيع العيش في أمان لنبنى حضارتنا وأمجادنا .
شمس : تعترف أنكم تدمروننا وتقول على سياسة التدمير حضارة ، ثم تتهمننا نحن أننا لا أمان لنا وأننا خطر يُهدد العالم بأسره ، فأي منطق هذا
موريس : منطق الثأر ، واستعادة الحقوق ، بالأمس شيدنا لكم الأهرامات بالسُخرة ، استعبدتم اليهود ، ثم شردتموهم وأخرجتم موسى واليهود من مصر ، وهتلر أحرق اليهود ، وعبد الناصر طردهم وأمم أموالهم ، أقسمنا أن نستعيد حقوقنا ، ونبنى دولتنا ، وسنبنيها بكل وسيلة ، وبكل الأسلحة الشريفة والقذرة سنبنيها ، وإن كان على أشلاء الأعداء مثلما شردنا العالم وأحرقنا .
شمس : لا فائدة من الجدال والنقاش ، لا فائدة من إقناعك بكل الحجج التاريخية ، إن أغلب ما تؤمنون به هو افتراءات من نسج الخيال ، فلم يثبت أنكم بناة الأهرام ، ولا أُنكر أن فرعون طرد اليهود من مصر ، وعبد الناصر لم يطرد اليهود ، ولازال منهم من يعيش آمنا حُرا طليقا عاشقا لتراب مصر ، رفض مغادرتها ، وأي مجد لا يبنى على القيم لا بقاء له .
موريس : كلام الضعفاء ، وسنثبت للتاريخ أن مجد اليهود هو الباقي
شمس : لن أُطيل الجدال معك ، لكن سأقول لك شيئاً واحداً إذا أرادت الذئاب أن تحيا فلتتصارع السباع , سأكررها لك إذا أرادت الذئاب أن تحيا فلتتصارع السباع وهكذا تحيون الآن تجعلوننا نتصارع ، لكن أعلم أن أي حرب لابد لها من مُنتصر وسوف تفيق السباع يوماً , وقتها لن تجعل للذئاب مكاناً عندما تدرك حقيقة الخديعة ، وهكذا أردتم أن تكون نهايتكم .
موريس : نحن شعب الله المختار ، فلن تكون لنا نهاية بل نهايتكم أنتم
شمس : وهذه هي المشكلة تخيلتم أنكم وحدكم من تعرفون حقيقة الرب ، تخيلتم أن الله لم يهد أحدا غيركم ، وأنه اصطفاكم على سائر البشر ، عصيتم ، تمردتم ، قتلتم الأنبياء بغير حق ، فكتب الله عليكم الشتات في الأرض ، ليعذبكم بذنوبكم ، والحقيقة أن الأرض جاءها من يعرف حقيقة الرب أكثر منكم ، فكان أكثر منكم خشوعاً وإيماناً وطاعة ، ولا زلتم تتخيلون أنكم المؤمنين الوحيدين على هذا الكوكب ، النهاية ليست نهايتكم فقط ، بل نهاية كل إنسان يتخيل أن الله لم يهد أحدا غيره ، فيعيث في الأرض فساداً ، يقتل ، ويسفك الدماء ، ويقسم الناس إلى مؤمنين وكفار ، ويحاسب البشر وكأنه الله ، يملك مفاتيح الجنة والنار ، منهجكم واحد وإن اختلفت العبارات والمسميات ، انتهى النقاش ، وهذا فراق بيننا إلى الأبد .
ميشال : مع الأسف " موريس " ، أنت لم تحسن الظن بنا ، لقد عرف " شمس " هذا الأمر منذ ستين دقيقة فقط ، فلم أرتب معه شيئا ، لقد كان الأمر مفاجأة لم يتوقعها ، والأمر كله كان حلما أحلمه منذ سنوات ، والآن جاءتني الفرصة لتحقيقه ، بل إن " شمس" نبهني أن اسم " رمسيس " سيغضبك ، لكن ليس من الشرف المهني ترك " راديسون بلو " عرضة للانهيار فجأة ، و" شمس " لن يكون على قدر إلمامك بالعمل في " راديسون بلو "، كنت أتمنى أن نظل صديقين إلى الأبد ، لكنك قضيت على هذه الصداقة بشكك وسوء ظنك ، كما أتمنى لك التوفيق في عملك الجديد .
مضى عامان و" شمس " يعمل مع " موريس " بكل طاقته في الإشراف على بناء " فندق رمسيس " ، و " متحف المصريات " ، و " مركب الشمس " ، حتى أصبح الفندق تحفة معمارية تجمع بين الطابع الفرعوني والإسلامي ، فكان كل ركن فيه كأنه مُعبر عن حُقبة تاريخية من تاريخ مصر ، فبدا المدخل وكأنه أحد المعابد المصرية ، بينما الغرف بعضها يحمل الطراز الفرعوني والبعض الآخر يحمل الطابع الإسلامي , وبه شرفات المشربية ، أما المقهى , فبدا وكأنه سبيل السيدة نفيسة ، والبازار كأنه شارع المعز ، والمتحف مُصمم ليكون نموذجا مُصغرا من معبد أبو سمبل ، عامان من العمل والجهد والمشقة ، حتى أصبح " فندق رمسيس " أسطورة تتحدث عنها " إنتويرب " بل بلجيكا كلها ، وانهالت عروض الحجز على الفندق حتى قبل الانتهاء من التجهيزات النهائية قبل الافتتاح كمؤشر ينذر بنجاح العمل وبدايته القوية .
وفي بداية شهر إبريل 2014، حضر " ميشال " إلى الفندق متأخراً عن موعده ، يحمل في يده تذكرتين سفر إلى القاهرة ، فقدم واحدة " لشمس " فما أن رآها حتى طار فرحا ً، أخيراً سيزور مصر بعد تلك السنوات ، أخيراً سيرى عائلته وصديقه " نور " ، ويسير في شوارع القاهرة ، ويزور آثارها التي انقطع عنها سنوات ، كانت تلك التذكرة أعظم هدية أُهديت له في حياته ، لكن كانت المفاجأة عندما أخبره " ميشال " أنه لن يُسافر وحده , بل هي رحلة استجمام لهما قبل بدء الافتتاح ، لتجمع الثلاث أصدقاء معاً ، في مصر " نور وشمس وميشال "، قبل بدء رحلة العمل الشاق في " فندق رمسيس " .
وعلى " مقهى رمسيس "بالقاهرة جلس " شمس ونور " ومعهما " ميشال "، يشربون أكواب الشاي بالنعناع ، كانت الساعة تشير إلى الخامسة عصراً ، الموعد المُعتاد للقاء " شمس ونور " بهذا المقهى كعادتهما قديماً قبل السفر إلى بلجيكا ، كان الثلاثة يتبادلون الحديث ، وفجأة قطع حديثهم ارتفاع صوت التلفزيون الذي يبث نشرة أخبار الخامسة ، التي يُلقيها التليفزيون المصري يقول : أهلا بحضراتكم وإليكم نشرة أخبار الخامسة ، ليوم الثلاثاء التاسع والعشرين من شهر إبريل 2014، ونبدأ بأهم الأنباء ، أعلن وزير الآثار المصري عن استعادة مصر عددا من القطع الأثرية المصرية ، جميعها من مسروقات المتحف المصري ، حيث تم استعادة بعضها من مصر ، والبعض الأخر من بلجيكا ، حيث شوهدت في إحدى صالات المزادات ، وتم العمل على إعادتها إلى مصر ، ولازال العمل جار على استعادة بعض القطع من ألمانيا , والولايات المتحدة الأمريكية ، وسيتم الإعلان عنها في الأيام المقبلة
شعر " شمس " بسعادة بالغة ، فلا زالت رحلة البحث عن الآثار المنهوبة لم تتوقف ، كما شعر " ميشال " بالفخر لتعاون بلجيكا المُستمر لإعادة التراث إلى أصحابه .
كانت مصر تستعد لخوض الانتخابات الرئاسية بعد أقل من شهر لتبدأ مرحلة جديدة مع رئيس التف حوله الغالبية العظمى من المصريين ، لذا كانت نفس " شمس " تُحدثه بالبقاء في مصر ، فأطلق العنان للسانه ليبوح بما في نفسه " لميشال ونور"
شمس : حاسس برغبة في البقاء في مصر، أعتقد المرحلة القادمة هـ تكون مختلفة والسياحة هـ تنتعش مرة تانية
نور : مش بالسرعة دى يا " شمس " ، لسه قدامنا كثير لغاية الأمور ما تستقر في مصر أحنا مش عارفين الأيام مخبيه إيه ، خصوصاً أن عملك مُرتبط بالإرشاد السياحي .
ميشال : لي رأى مُختلف عنكما ، يتلخص في الهدف الذي أنشئ من اجله فندق رمسيس ، لقد نسيتما الهدف
نور : وما الهدف " ميشال "
ميشال : تغيير الصورة السلبية للغرب عن العرب والمسلمين ، وتعريفهم بالتاريخ الفرعوني دون تحريف أو تزييف ، أم أنك نسيت الهدف يا شمس وسط مشاغل الحياة
شمس : لا يمكن أن أنسى لكن شوقي لمصر يغلبني
ميشال : أعتقد أن مصر تحتاجك في الخارج أكثر ، مصر تحتاج الكثير من سفراء النوايا الحسنة ، ليست مصر فقط بل الإسلام أيضاً الذي لا يعرف الكثيرين حقيقته السمحة ، علينا أن نستكمل مسيرتنا ، ورسالتنا معاً " نور وشمس وميشال " فبدونكما لن يكون هناك فندق رمسيس ، القضية قضيتكما وأنا آمنت بها فلا تتركاني وحدي ، ودافعوا عن حضارتكما ودينكما .
شمس : بالنسبة للحضارة الفرعونية فهي حقاً حضارتنا، أما الإسلام فهو ديني أنا وحدي لأن " نور " مسيحي
أصابت الدهشة " ميشال " ، دهشة وصلت لحد الصدمة فقال بصوت عال مُتعجبا : كيف ؟ لم يبدو عليك أنك مسيحي .
ضحك " نور " وقال : وكيف سيبدو علي أنني مسيحي، هل للمسيحيين أشكال مختلفة يعرفهم الناس بها
ميشال : لقد قلت لي قبل سفر " شمس " أن أضع له مُصحفا وسجادة صلاة ومسبحة في غرفته .
نور : " شمس " جاري وصديق عمري ، أعرف مدى تدينه , ومواظبته على الصلاة , وقراءة القرآن , فأردت ألا أُشعره بالغربة
ميشال : إذن لماذا كنت ترفض أن تشرب معي الخمر , أو تذهب معي للملاهي الليلية ، أنت تفعل مثل " شمس "
ضحك " نور " وقال : فيه إيه يا عم " ميشال " واحد " شماس " وأبوه " قسيس " هتجرجره وراك في الملاهي الليلية , وتسقيه خمرة , عايز تفضحنا على آخر الزمن ، الناس تقول أبويا ب يربي ولاد الكنيسة , ومش عارف يربي ابنه ، ما تفهمه يا شمس
شمس : " ميشال " صديقنا العزيز ، والد نور " قسيس" , ونور " شماس " ، مسيحيين مُلتزمين لا يفعلون هذه الأشياء
أخذ " ميشال " يضرب المنضدة بيده , ويدب الأرض برجليه متندماً أن " نور " لم يخبره أنه مسيحي حتى لفت أنظار زبائن المقهى له
ميشال : أوه .. أوه .. أوه ، أنا حزين ، حزين جداً لماذا لم تخبرني " نور " بهذا
نور : فيه إيه يا عم " ميشال " فرجت علينا القهوة مالك ، ماله يا " شمس " زعلان ليه إني مسيحي ؟ ، هو أسلم ولا إيه ، وبعدين ما انت صاحبي ومسلم ، إيه مشاكله مع المسيحيين مش فاهم
شمس : ميشال ما سبب حزنك ؟
ميشال : لقد صممت الفندق على الطراز الفرعوني والإسلامي فقط . وليس به أي طراز مسيحي
نور : بس كده خلاص ... خلاص هـ اعملك متحف مسيحي لما أسافر بلجيكا
ميشال : " شمس " أنت مسلم و " نور " مسيحي فما الفرق بينكما ؟
نور : الفرق انه أنا مسلم وهو مسيحي ، قصدي أنا مسيحي وهو مسلم ، واحد مسيحي والثاني مسلم
شمس : أي نوع من الاختلاف تقصد " ميشال " ؟
ميشال : تتصرفون بنفس الطريقة ، لكما نفس الخلق ، ترفضان الخمر ، والمجون ، لكما نفس العادات والتقاليد فما الفرق ؟
شمس : الفرق في العقيدة , له عقيدته ولى عقيدتي ، خلاف هذا لا يوجد فرق
ميشال : حقاً أنتما حالة فريدة ورائعة ، فهل يوجد مثلكما في مصر ؟
نظر " نور" إلى " شمس " باندهاش وأنفجر من الضحك , وقال له : ده تايه ده ولا إيه ؟
ثم نظر إلى " ميشال " وقال له : هي دى مصر يا " ميشال " ، إنت في مصر ، وهذه هي مصر مسلم ومسيحي الفارق بينهما تعرفه عندما يذهب المسلم للمسجد والمسيحي للكنيسة ، أما جوهر الإنسان واحد
شمس : " ميشال " صديقي , مسيحيو مصر مختلفين تماماً عن مسيحيي الغرب
ميشال : أوه، أنا سعيد ، سعيد جداً بكما لكنني حزين لعدم وجود تراث مسيحي بالفندق
عامل المقهى : فيه حاجة يا أستاذ نور ، لو الخواجة تعبان نوديه على المستشفى القبطي جنبنا ، أحنا ولاد بلد بردوا , ونحب نكرم ضيوفنا
نور : لا أبداً هو متأثر شوية بس من اللي بيحصل في البلد , خواجة بقا وقلبه ضعيف ، تسلم يا عماد يا أبو الشهامة
ميشال : " نور " , هذا وعد منك سنبنى متحفا مسيحيا
نور : أكيد سأبني لك متحفا عن رحلة العائلة المقدسة في مصر ، ثم قال " لشمس " : كفاية كده وياللا نمشي من هنا قبل ما يقولوا إننا خاطفينه ، إنت السبب كان كويس قبل ما تعرفه
شمس : أنا سعيد ، سعيد جدا ً، لأننا لن نفترق
نور : أوه , أوه , أوه , أنا حزين ، حزين جداً لأن لدي أجن صديقين في العالم
ميشال : لماذا قمتما ، رائع جدا هذا المقهى الشعبي
شمس : اسمه مقهى " رمسيس "
ميشال : أوه مقهى رمسيس ، لديكم في مصر مقهى رمسيس مثل فندق رمسيس
نور : مثل فندق رمسيس !!! أنت في مصر ولدينا مقهى رمسيس في شارع رمسيس ورمسيس بذات نفسه إذا أردت زيارته سيسعد كثيراً لزيارتك , قال زى فندق رمسيس قال هي دى أخرتها يا شمس هي بقت كده خلاص
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق