الثلاثاء، 30 أغسطس 2016

الفصل الرابع - شارع رمسيس ج1

كتبت في 19 فبراير 2015
القصة كاملة من وحى الخيال عن عودة عدد من القطع الأثرية من بلجيكا والتي شوهدت أحداها بأحد صالات المزادات وهذا هو الحقيقة الوحيدة بهذه القصة
كما تم ضبط عدد من القطع بحقيبة سيدة سافرت بها إلى بلجيكا لبيعها هناك وتم إعادة القطع المسروقة إلى متحف الآثار المصرية
كما تم الاستعانة بحلقات المؤرخ بسام الشماع على يوتيوب 
بشأن أدعاء اليهود بناء الاهرامات



 شارع رمسيس


على " مقهى رمسيس " الكائن بشارع رمسيس بالقاهرة ، حيث يقع على مقربة من متحف الآثار المصرية ، جلس " شمس " يحتسى كوب الشاي بالنعناع ، ينظر إلى المارة بالطريق ، يبدو عليه الشرود ، فجأة يقطع هذا الشرود صوت مذيعة النشرة الإخبارية للتليفزيون المصري : " صرح وزير السياحة المصري فخري عبد النور بوجود قلق عالمي من الفتاوى الدينية بشأن السياحة ، مؤكداً أنه تلقى رسائل استفسار من بعض الدول حول تلك الفتاوى ، وأضاف أن وزارة السياحة ستتخذ خطوات جاهدة في تنشيط قطاع السياحة ، ومن الجدير بالذكر أن قطاع السياحة المصري قد سجل تراجعاً عنيفاً في مؤشراته خلال الموسم السياحي الذي بدأ في يوليو 2010 وانتهى في يونيو 2011، وذلك لما شهدته مصر من أحداث عصيبة وانفلات أمني بعد الثورة  "

حينها ، سأل "شمس " نفسه، وماذا بعد ، وما مصير السياحة لو صعد الإسلاميين إلى البرلمان وهم مكتسحين بالفعل حتى الآن في الانتخابات البرلمانية ، وربما يتوالى الصعود حتى يصلوا إلى الحكم ، فما مصير السياحة ، وما مصيره هو كمرشد سياحي وقد أمضى عاما كاملا متوقفا فيه عن العمل ، فالشركة التي كان يعمل بها أُغلقت ، وهاجر صاحبها إلى أمريكا بعد أن تكبد خسائر فادحة بسبب توقف النشاط السياحي ، شركات السياحة الكبرى استغنت عن أعداد كبيرة من العمالة لديها ، وشركات السياحة الأجنبية أحجمت عن إيفاد رحلاتها إلى مصر ، أما الشركات الصغيرة فقد أشهر الكثير منها الإفلاس ، وأصبح لا سبيل أمام " شمس " وأمثاله من العاملين بهذا القطاع إلا البحث عن مجال عمل مختلف و لكن ما هو هذا المجال ؟
كاد عقل"  شمس " أن يتوقف ، بماذا يعمل وهو لا يعرف مهنة أخرى سوى عمله كمرشد سياحي ، رغم هذا فقد حاول العمل في مجال الترجمة , خاصة أنه يُجيد اللغة الفرنسية والهولندية والإنجليزية ، لكن ما أصاب قطاع الثقافة لا يختلف كثيراً عما أصاب قطاع السياحة , حتى شعر أن أبواب الدنيا قد أُغلقت في وجهه .

نظر شمس في ساعته ، كانت عقاربها تُشير إلى الخامسة عصراً من يوم الاثنين 13 ديسمبر  2011، كان على أمل أن يلتقي بصديق عمره " نور " الذي اعتاد أن يتقابل معه في المقهى كل يوم في هذا الموعد بعد عودتهما من عملهما ، وما هي إلا ثوان حتى قطع صمته صوت صديقة " نور " وهو يقول له : " الحمد لله إني لقيتك ، عندي ليك فرصة العمر وكأنها متفصلة عليك " 
شمس : فرصة إيه , خير 
نور : إيه رأيك في فرصة عمل في بلجيكا ؟
شمس : بلجيكا، هشتغل إيه في بلجيكا 
نور : في السياحة ومطلوب إجادة لغتين على الأقل من 3 لغات فرنسية وهولندية وألمانية ، و انت بتجيد الفرنسي والهولندي والإنجليزي طبعاً ، وأفتكر سهل جداً أنك تتعلم ألماني هناك .
شمس : أيوه بس أنا عمري ما تخيلت إني أشتغل بره مصر ، وبعدين هشتغل إيه هناك .
نور : بصراحة هي فرصة عمل كانت ليا أنا من صديق بلجيكي اتعرفت عليه لما كان في رحلة سياحية هنا ، أسمه " ميشال ايليو " مدير فندق من أشهر الفنادق في بلجيكا ومغرم بالحضارة الفرعونية , وعايز يعمل صالة عرض للآثار الفرعونية المُقلدة كوبي يعنى من القطع الأثرية المهمة ، تقدر تقول كده متحف تقليد مش أصلي , وطبعاً عايز أثري يشرف على صناعة القطع وكتابة اللوحات الإرشادية بتاعتها وتقديم شرح ليها للزوار . 
شمس : مش ممكن طبعاً ، يعنى آثار بلدنا الأصلية مش لاقيه اللي يزورها ,  وبتتنهب , وتتسرق , واحنا نعمل متاحف تقليد يتفرج عليها الأجانب بدل الآثار الأصلية ، وبعدين لما هي كانت فرصة ليك سيبتها ليه ؟
نور : أولاً بيك أو من غيرك المتحف هيتعمل زي غيره كثير من المتاحف التقليد المنتشرة بره ، فيه ناس مُغرمة بالحضارة الفرعونية ، وفيه طلبة بتدرسها وما يقدروش يسافروا رحلة سياحية علشان يشوفوا الآثار الأصلية ، واللي يقدر منهم ,  حالياً خايف من الظروف اللي البلد فيها ، والاشتباكات كل يوم جمعة المُذاعة على تليفزيونات العالم ، أما أنا سيبت الفرصة دي ليه يا سيدي ، لأني هـ افتح فرع جديد للمطعم في سيتي ستار ، إحنا حطينا في المطاعم دي كل ميراث والدتي ، وأبويا زى ما أنت فاهم ، وأنا أبنهم الوحيد يبقى هسيب ده كله لمين ، وفي الأول والأخر هي فلوسي ومالي بعد عمر طويل ليهم .
شمس : لا أنا مش مرتاح , حاسس إني كده هـ اضر السياحة في بلدي ، لو فيه ناس بتخرب يا " نور " مش لازم نبقى زيهم , إحنا ناس دارسة وفاهمة يعني إيه آثار وتاريخ 
نور : ممكن نفكر بشكل مختلف شوية ، ليه ما تقولش إن متحف التقليد ده هيعطيك فرصة إنك تقدم المعلومة التاريخية الصح للزوار الأجانب بدل المعلومات المغلوطة ، وإنك تقدم صورة جيدة عن مصر تخليهم متشوقين يشوفوا الآثار الأصلية ، خصوصاً إنهم ممكن يقلدوا تماثيل صغيرة لكن عمرهم ما هيقلدوا الهرم وأبو الهول وأبو سمبل ، ثانياً يا أخي أنت لقيت شغل هنا وقلت لأ  , والحال ده هيطول والله أعلم الجاي إيه ، لكن اللي واثق منه إنه أسوأ مش أحسن .
شمس : سيبنى أفكر وأرد عليك
نور : وأنا معاك وما تقلقش من حاجة , لأن " ميشال " صديقي جداً وعمره ما هيرفضلي طلب ولما تعرفه هتحبه
عاد " شمس " إلى منزله وهو يفكر في كلام " نور " فماذا بيديه أن يفعله وقد أصبح يعتمد على أسرته في مصروفاته الشخصية ، وإلى متى يستمر على هذا الحال ، فلم يجد أمامه سوى المغامرة وقبول هذا العرض ، والعودة فوراً إذا استقرت الأحوال في مصر ، ليعود لعمله الذي يعشقه مرشدا سياحيا على تراب مصر .

مرت الأيام سريعاً وشمس مشغول في إتمام إجراءات السفر إلى بلجيكا حتى حان موعد السفر وذهب"  نور " مع " شمس"  إلى المطار ليودعه هناك .
نور : أنا مش عايزك تقلق من حاجة اعتبرها تجربة ، لو ما عجبكش الحال يا سيدي الفندق جنب مطار " إنتويرب " على طول، اركب الطيارة وارجع فورا ، واعتبر " ميشال " كأنه أنا بالضبط ، على فكرة هو شخصية عفوية جدا ،ً أصل البلجيكيين دول عاملين زى حبايبنا الصعايدة ، عارف لما يقولك مرة واحد صعيدي ، هما الأوروبيين بقا بيقولوا مرة واحد بلجيكى ، ناس بساط وطيبين وأديك هتروح وتشوف بنفسك ، ما تنساش اسم الفندق " راديسون بلو" في حي          " الماس  "على بعد 5 كيلو من المطار يعنى 20 دقيقة بالكثير ، وطبعاً ابقى افتكرني بكام حتة ماس من هناك ..  بجد هتوحشني يا صاحبي 

وصل " شمس " إلى مطار " إنتويرب " واستقل الحافلة المكوكية متوجهاً إلى حي الماس حيث فندق " راديسون بلو "، وما هي إلا 25 دقيقة داخل الحافلة حتى توقفت أمام باب فندق "راديسو بلو" ، إن الطريق كما وصفه صديقه " نور " تماما ، وقتها شعر " شمس " بالاطمئنان والألفة، إنها بالفعل تجربة إما أن تنجح و يستطيع بناء مستقبله، أو يعود سريعا إذا لم يحالفه التوفيق .
دخل شمس إلى الفندق وطلب من موظف الاستعلامات مقابلة "ميشال ايليو " مدير الفندق وبالفعل أمر " ميشال  " بدخوله فوراً إلى مكتبه , دخل " شمس " إلى مكتب " ميشال " الذي وقف لاستقباله بحفاوة بالغة 
ميشال : مرحباً بصديق " نور " وصديقي الجديد أهلا بك في بلجيكا بلدك الثاني 
شمس : هذا يشرفني " مستر  ميشال " 
ميشال : أمامك مهمتان للقيام بهما هنا ، الأولى الإشراف على صناعة التماثيل المُقلدة والتي سيتم عرضها بصالة عرض الآثار المصرية , بعدها ستتولى أمر المتحف كاملاً منذ يوم الافتتاح ، أما المهمة الثانية فهي قاعة المؤتمرات , والتي يُقام بها المؤتمرات الدولية والاحتفالات , وقد وضعت نظاما فريدا لهذه القاعة , فنحن نستضيف المؤتمرات الدولية بالقاعة مجاناً , مقابل الدعاية كشركة راعية ، وهذا أقل تكلفة بكثير جداً من تكلفة الإعلانات المدفوعة الأجر ، كما أننا بهذا نكون مساهمين في الأنشطة العلمية والفنية ، ومهمتك هي الإشراف على العمل بالقاعة , وإلقاء كلمة الافتتاح ، في الحقيقة لم يعد لدي الوقت للقيام بهذه المهمة ، والآن ستتعرف على المدير التنفيذي " لراديسون بلو " أنه أيضا سعيد لعملك معنا .
وبعد اتصال تليفوني بشخص يدعى " موريس " سمع " شمس الباب " يُفتح ويدخل منه رجل تبدو عليه الملامح العربية 
ميشال : إنه " موريس " المدير التنفيذي للفندق 
موريس : نورت بلجيكا حبيبي
شمس : أنت بتتكلم عربي لهجتك بتقول أنك " سوري "  أو " لبناني " 
موريس : إحنا عرب زى بعض أنا " شامي " 
شمس : وأنا متفائل جدا للعمل هنا وواضح أننا هـ نكون أصدقاء 
ميشال : " شمس "  ماذا تعنى كلمة " شمس " 
شمس : " شمس "  بالهولندية zon"    "زون 
ميشال : اوووووووه ، كان الفراعنة يعبدون الشمس في عهد " إخناتون " أليس كذلك 
شمس : كذلك " مستر ميشال" ، أنا أسمى بالهيروغليفية " أتون أو أتن " aton"  - aten "، انطقها كما تحب، كما كان هناك إله للشمس مقدس لدى الفراعنة في كل العصور، إنه الإله " رع " 
ميشال : رء رء .. إنها صعبة للغاية يكفيني " أتن "  
شمس : إذن من الآن أنا   " أتن "
ميشال : حسناً  " أتن "  لتذهب الآن إلى جناحك لتستريح ولنبدأ العمل من الغد 
اصطحب " موريس " " شمس " إلى الجناح المخصص له بجوار جناحي " موريس " و " ميشال "، شعر " شمس " بالارتياح حين وقعت عينه على " المصحف " الموضوع على المنضدة و " سجادة الصلاة " الموضوعة على الكنبة ، الغرفة تبدو وكأنها أُعدت بأيدي مصرية ، ووضح له لأول وهلة مدى الاحترام لعقيدة الآخر  .
موريس : " شمس "  اليوم ب اتركك تستريح ومن باكر ننهي عملنا وب تيجي معي نلعب طاولة  " بقهوة  أم كلثوم "  و نسمع " الست ".
شمس : " قهوة أم كلثوم " !!! دي في  " عماد الدين " في " القاهرة "
موريس : هنا فيه كل حاجة " قهوة أم كلثوم " و " مطعم كيلوباترا "  و                 " سفنكس "  و " توت عنخ أمون " 
شمس : معقول ، مش بقولك أنا سعيد ومتفائل , أنا فعلا حاسس كأني في              " مصر " 
موريس : وأنا سعيد بوجودك معانا ، وانت هـ تكون صديقي المقرب ، ب اتركك تنام ،  سلام

شعر " شمس "بالألفة والدفء , وتبددت كل مشاعر الغربة والقلق والتوتر ، نظر من النافذة المُطلة على حديقة حيوان " إنتويرب " ، فبدت له الشوارع وكأنها شوارع  " وسط البلد  " في الخمسينات حين كانت شوارع"  القاهرة "نظيفة هادئة . 
تناول " شمس " عشاءه , واستسلم لنوم عميق هادئ لم يؤرقه شيء ، وفى الساعة الثامنة صباحاً استيقظ على رنين الهاتف الداخلي للفندق فسمع صوت " موريس 
موريس : صباح الخير , أتمنى تكون نمت نوما هادئا ، اليوم أنت أجازة من العمل فرصة ترتاح ، وترتب حالك ، والفطار بعد دقايق بيكون عندك في الغرفة ، طبعاً المفروض أن الفطار عندنا 8 صباحاً في المطعم ، وكلنا ب نكون موجودين مع النزلاء ، لكن اليوم استثناء بالنسبة لك  علشان ترتاح ، وتاخد على الجو  هنا .
شمس : بجد مش عارف أقولك أيه يا " موريس" ، إنت ونعم الأخ ، وأنا سعيد بوجودي هنا ومتشكر جدا .
تناول " شمس " إفطاره ، وارتدى ملابسه , وقرر التجول في الشوارع المجاورة للفندق ، فور خروجه من باب " راديسون بلو " وجد مقابله حديقة حيوان                 " إنتويرب "،  وهي من معالم المدينة , وأخذ يتجول بين شوارع " حي الماس " ومتاجرها الشهيرة ، والتي كان أبرزها متاجر المجوهرات خاصة " الماس " ، شاهده بجميع أشكاله وألوانه ، يا لها من صناعة مبهرة ونادرة , قرأ عنها شمس كثيراً قبل سفره لبلجيكا ، إنها أهم الصناعات التي اشتهرت بها مدينة " إنتويرب " ، صناعه برع فيها اليهود وسيطروا عليها وتمركز عملهم  " بحي الماس " .
أخذ " شمس "  يتجول بين شوارع المدينة ومتاجر الملابس ، حقاً شعر وكأنه يتجول بين شوارع " وسط البلد "، شارع " شريف " و " طلعت حرب "  و " الشواربي " ، لكن هنا الشوارع نظيفة للغاية ومنظمة جدا ، الأرصفة ليست مرتفعة عن الشارع ، ماذا ينقص " مصر " لكي تكون على هذا المستوى ونحن من نملك العبقرية والحضارة .
مر الوقت سريعاً وهو يتجول في الشوارع وكلما مر الوقت شعر بأُلفة أكبر تبدد كل مشاعر الاغتراب والقلق حتى شعر بالتعب فقرر العودة  ليستريح ويشاهد القنوات المصرية ليطمئن على الأحوال في مصر .

دخل غرفته بالفندق وللمرة الثانية يجد اتصالا من " الروم سيرفيس " يسأله عن الغذاء الذي يُفضل تناوله في غرفته حسب أوامر " مستر موريس "، وهكذا قضى يومه الأول في راحة واستجمام بعيدا عن العمل .

استيقظ في اليوم الثاني له في الساعة السابعة صباحاً ، فهو أول يوم عمل له في " راديسون بلو " ، ليكون في الموعد المحدد لتناول الإفطار مع " موريس وميشال "  برفقة نزلاء الفندق ، وبعد تناول الإفطار طلب " ميشال " الاجتماع بهما بمكتبه .
ميشال : " شمس "  اليوم لدينا مؤتمر هام جداً بقاعة المؤتمرات , ستلقى به الكلمة الافتتاحية ممثلا عن " راديسون بلو  " الراعي للمؤتمر .
شمس : أريد عنوان المؤتمر 
ميشال : المؤتمر " للشبكة الأوروبية المتوسطية لحقوق الإنسان "  , وعنوان المؤتمر    " حقوق الإنسان وثورات الربيع العربي  " ، حاضر ممثلين من دول " أوروبا  " و" حوض البحر الأبيض " ، والمؤتمر سيبدأ في الساعة الثانية عشر ظهرا ً، أمامك وقت كاف لتجهيز كلمة الافتتاح .
موريس : أعتقد أن كلمة الافتتاح ستكون متميزة عندما تصدر من " شمس "  المصري وهي أهم دولة عربية تشهد ثورة أبهرت العالم 
ميشال : أعتقد ذلك ، والآن يمكنك الذهاب إلى مكتبك لمباشرة أعمالك
خرج " شمس " من المكتب عازماً أن يستهل كل مؤتمر بنبذة عن الحضارة الفرعونية ، فلا يوجد مجال علمي أو فني أو حتى سياسي لم تسبق فيه مصر العالم منذ آلاف السنين ، فليكن تقديمه للمؤتمرات إعلاء لراية مصر وليس لراية " راديسون بلو " فراية الحضارة المصرية إضافة بلا شك لأي راية أخرى توضع إلى جوارها .

بدأ المؤتمر في تمام الساعة الثانية عشرة ظهراً , وكان على يمين المنصة " شمس "  و" موريس "  المدير التنفيذي للفندق يليه " ميشال " المدير العام للفندق الراعي ، ثم رئيس المؤتمر ، يليه أحد الأعضاء الفخريين للمنظمة من " تونس " ، يليه، ممثل " منظمة العفو الدولية  " ببلجيكا كعضو مؤازر ومضيف للمؤتمر .
وقف " شمس"  يُلقى كلمة الافتتاح للمؤتمر ممثلا عن " راديسون بلو " . 
شمس : السادة الحضور أعضاء المؤتمر، مرحباً بكم ، يسر فندق " راديسون بلو " رعاية هذا المؤتمر عن حقوق الإنسان ، التي ارتبطت دائماً بثورات الشعوب التي عانت من سيطرة أنظمة استبدادية , أهدرت حقوق الإنسان وكرامته ، مثل ما يُعرف حالياً بثورات الربيع العربي .
ثورة الإنسان من أجل المطالبة بحقوقه المشروعة عرفتها البشرية منذ آلاف السنين ، لذا سنلقي الضوء على ثورة عرفتها البشرية منذ 4000 عام والتي أفرزت أول مُعتصم في التاريخ .
ما أن نطق " شمس " بتلك الكلمات حتى ساد الصمت أرجاء القاعة ، الجميع مُتلهف لمعرفة هذه الثورة ومن يكون هذا المعتصم .
شمس : وقعت أحداث الثورة في عهد الملك المصري " بيبي الثاني " الذي حكم مصر في سن السادسة حتى أصبح عمره مائة عام ، كانت تلك الثورة منذ أكثر من 2200 عام قبل الميلاد ، تدهورت أحوال المصريين الاقتصادية ، وسأم الناس من حكم هذا الملك الذي لم يعد قادراً على إدارة شئون البلاد ، فقام الشعب بأول ثورة اجتماعية عرفها التاريخ ، عقب هذه الثورة حدث انفلات أمني , كما هو حادث في مصر الآن , لكنه استمر قرابة 120 عاما ، وإذا بتلك الثورة تُفرز مواطنا يعرف حقوقه وواجباته ، يُجيد المطالبة بحقه ، ويصبح أول مُعتصم في التاريخ ، هذا المعتصم هو  " خو ان انبو "  المُلقب بالفلاح الفصيح . 
كان من سكان وادي النطرون ، ترك زوجته وأخذ معه الحمير مُحملة بعشب النطرون وأعشاب أخرى , قاصداً عاصمة مصر , لمقايضة الأعشاب بالأغلال ، وفى طريق سيره مر ببيت " جحوتي نخت  " خادم لدى رئيس الحجاب " رنس بن ميرو" فاستولى على حميره وبضائعه ، فما كان من هذا الفلاح إلا أن وقف عشرة أيام أمام بيت " جحوتى نخت " يصرخ ويقول له : أنا أعرفك أنت تعمل عند " رنس إبن ميرو " كبير الحجاب , رُد إلي بضائعي ، لكنه لم يحرق له قمحا ، ولم يُلق حجرا ، أما الحكومة فبعثت للفلاح المُعتصم بالمأكولات والمشروبات عشرة أيام , وأرسلوا طعاماً لأسرته وقت اعتصامه ، كتب هذا " الفلاح الفصيح " كما أسموه بكتب التاريخ شكاوى للعدالة كانت من أروع الكتابات الأدبية ، فحكم له القضاء المصري  برد ما سُرق منه وتأميم كل ممتلكات "جحوتى نخت " لصالح " الفلاح الفصيح " ، وأن يعمل "جحوتى نخت" خادماً لديه عقاباً له وكان  مما ورد بهذه الشكاوى : 
" أقم العدالة لأنها هامة , لأنها عظيمة , لأنها تدوم "
" لا تسلكن سلوكاً منحازاً , ولا ترد من يتوسل إليك "
" إن العدالة تنزل مع صاحبها إلي الجبانة "
" إن الحاكم هو أبو اليتيم , وزوج الأرملة , وأخ من هجره أهله , ودثار من لا أم له" 
" إن الحاكم هو الذي يوجه الحياة علي الأرض ، وهو الذي يقيم العدل ، وأنه ميزان العدالة , فإذا اهتز أو مال اضطربت الحياة كلها ، وأنه تولي السلطة لإقامة العدل ، وتقصي الحقيقة  , وتطبيق القانون "
اختتم شمس كلماته بتوجيه الشكر لجميع الحاضرين لحسن استماعهم ،  وما كاد ينطق بأخر كلمة حتى ضجت القاعة بتصفيق الحاضرين، حينها لمس مدى تلهف الغرب لمعرفة كل شيء عن كنوز الحضارة الفرعونية ، وأن المصريين حقاً مُقصرين تجاه تعريف العالم بحضارتهم ، وتقديم المعلومات الصحيحة عنها في المحافل الدولية . 
كانت الكلمات الافتتاحية للمؤتمر، والتي تبعت كلمة " شمس " لا تزيد عن كونها كلمات شكر للكلمة الافتتاحية العظيمة التي ألقاها ، والتي أكسبت المؤتمر البُعد التاريخي على حسب تعبيرهم ، لم يكتفوا فقط بالشكر بل قدموا الدعوة " لشمس " ليكون أحد الأعضاء الفخريين الذين تفخر بهم المنظمة أن يكونوا ممثلين لها .
انتهى افتتاح المؤتمر في يومه الأول ، وعقب الافتتاح اجتمع الحاضرين لتناول الغذاء، جلس " شمس " على مائدة الطعام التي جمعته مع " ميشال وموريس "، ومعهم رئيس المؤتمر ، وكبار الأعضاء يتناولون الغذاء في جو ساده كثير من المحبة والود .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق